
بعد قرار الولايات المتحدة بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، تواجه الشرعية اليمنية تحديًا كبيرًا يتمثل في ضرورة ضبط تفاعلات الأطراف المختلفة لتحقيق سلام شامل. ومع ذلك، تظل المخاوف قائمة بين اليمنيين من فقدان هذه الفرصة التاريخية.
يتفق اليمنيون، بمن فيهم الخبراء في شؤون الجماعات الإرهابية، على أن تصنيف الحوثيين لن يكون ذا جدوى ما لم تتبعه إجراءات ردع “صارمة” سواء على الصعيد العسكري أو الاقتصادي، مما سيحدث تأثيرًا حاسمًا وملموسًا على الجماعة.
الردع العسكري
على صعيد الردع العسكري، تناقلت مصادر إعلامية إقليمية أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد وضع خطة جديدة لإنهاء عمليات “حارس الازدهار” وتشكيل تحالف دولي جديد يهدف إلى توجيه ضربة قاضية للحوثيين، على غرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش.
محليًا، أقر المجلس الرئاسي مؤخرًا استراتيجية ردع شاملة للحوثيين، تشمل مسارات سياسية واقتصادية وعسكرية، لكن لتحقيق هذه المكاسب، يتطلب الأمر أولاً تحقيق الانسجام وحل الملفات المتعسرة في الجنوب، وفقًا للخبراء.
أسس قانونية للردع
تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية يضيق الفجوة القانونية المتعلقة بتجميد أموال داعمي الجماعة، كما يضع قاعدة قانونية لتحركات دولية وإقليمية أوسع ضدها. لكن كيف يمكن لليمن استثمار هذه الفرصة؟ يجيب رئيس تحرير صحيفة “الثوري” سابقًا، خالد سلمان، بأن هناك حاجة ملحة لتداخل التوجهات المحلية للشرعية مع التوجهات الإقليمية والدولية لإدارة ترامب، التي تسعى لإنشاء تحالف دولي جديد.
وأشار سلمان إلى أن ما يمكن استنتاجه من المواقف السابقة لترامب هو أن التحالف الجديد سيغادر ردة الفعل إلى الفعل الفاعل لاستعادة زمام المبادرة، مع اعتماد خطة حاسمة عبر استراتيجية الحرب الخاطفة.
وأوضح سلمان أن الصراع في اليمن شهد تحولًا جذريًا، حيث باتت المليشيات تتعرض لحصار مماثل لما يحدث مع تنظيم داعش، مما يستدعي عدم الحوار مع الإرهاب. وفي هذا السياق، تبرز رسائل أمريكية تدعو دولًا إقليمية إلى فك الارتباط مع الحوثيين.
كما أشار إلى أهمية الدعم الدولي في “إعادة تأهيل الجيش والقوات العسكرية المحلية، وتعزيز الجهود لتوحيد العمليات بغية تنفيذ الأهداف المخصصة لهذه القوات في سياق خطة التغيير الشامل”، مؤكدًا أن الحوثيين يمثلون مشكلة إقليمية ودولية، بالإضافة إلى كونهم مشكلة يمنية بامتياز.
التوافق ضرورة
تجاوز الحوثيين لما تعتبره العديد من العواصم العالمية “خطوطًا حمراء” جعلهم يمثلون تحديًا عالميًا، بعد أن أطلقوا كأول منظمة إرهابية صواريخ باليستية مضادة للسفن من بلد يتمتع بموقع جيوسياسي حساس.
ومع ذلك، لم يتم استغلال هذا التغير الدولي بالشكل الأمثل، مما جعل الحكومة اليمنية تبدو مقيدة بالمواقف الإقليمية، وهي لحظة حرجة تعيشها الشرعية، وفقًا للباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، سعيد بكران.
حث بكران الحكومة الشرعية على “تجاوز هذا المأزق والتعامل مع مليشيات الحوثي بمرونة، من خلال التلاعب بجودة عالية لتوسيع الفجوة بين الأجنحة المختلفة داخل الجماعة، مما يسهل تفكيكها من الداخل”.
وأكد على أن “هذا الخيار يتطلب درجة عالية من التنسيق بين صفوف الشرعية، إذ إن التوافق الداخلي يسهم في تسريع وتيرة المعركة ضد الحوثيين”. وأشار إلى أن “التوافق بين الشمال والجنوب هو مفتاح التقدم، ويجب أن ندرك أن طريق صنعاء يمر عبر عدن في سياق المعادلات الوطنية”، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى نموذج قادر على سد الفراغ بعد تطهير شمال اليمن من الانقلاب الحوثي.