
يمنان: العرب
بدأ القاضي نواف سلام، المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، صباح اليوم الأربعاء، الاستشارات النيابية غير الملزمة لتأليف الحكومة.
ويجري سلام الاستشارات النيابية غير الملزمة على مدى يومين في المجلس النيابي، حيث يلتقي الأربعاء الكتل النيابية، ويلتقي غدا الخميس النواب المستقلين.
واستهلّ سلام الاستشارات بلقاء نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب بعد عدم حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري الممتعض، فيما بات مؤكداً تغيّبه وكتلته النيابية (التنمية والتحرير) وكتلة حزب الله (الوفاء للمقاومة) عن الاستشارات.
وقال بوصعب عقب اللقاء إن “التواصل بين بري وسلام قائم، وأطمئن إلى أن الاتجاه صحيح لحل الأزمة”، مشيرا إلى “أن هناك ضرورة لتتضح بعض الأمور أكثر وسنعطي فرصة، والرئيس سلام منفتح على كل الفرقاء وعلى التواصل مع الجميع، وليس لديه نيّة بإقصاء أحد، لكن لديه مسؤولية للتغيير مع الحفاظ على التوازن”.
وتابع بوصعب “نمط تأليف الحكومة سيكون مختلفا عن عمليات التأليف في السابق”، موضحاً أنه تمنى عليه ان لا يكون التأليف على نمط المحاصصة.
وبدوره أكد النائب مارك ضو عضو كتلة “تحالف التغيير” أن لبنان دخل مرحلة جديدة تطلبت من الجميع التحلي بالمسؤولية، مشيرا إلى أن اللبنانيين يتطلعون إلى السير في الاتجاه الصحيح في ظل الأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد.
وقال ضو في تصريحات صحافية عقب الاجتماع “نحن في مرحلة جديدة، ولبنان أمام فرصة كبيرة للتغيير، والطموحات اللبنانية في هذه المرحلة هي أن نسير في الاتجاه الصحيح لبناء وطن يليق بأبنائه”.
وأضاف أنه تم التأكيد على ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة صغيرة الحجم، وأن تركز على الكفاءات بعيدًا عن الحزبية والمحاصصة السياسية. “تمنينا على الرئيس المكلف أن تكون الحكومة أصغر حكومة ممكنة، وأن لا يكون فيها أي حزبيين، مع التأكيد على أهمية التركيز على المهام المطلوبة منها في المرحلة المقبلة”.
وفي هذا السياق، أكد النائب ضو رفضه التام لدمج النيابة مع الوزارة في الحكومة المقبلة، معتبرا أن الفصل بين السلطة التشريعية والتنفيذية من أساسيات العمل الديمقراطي في البلاد. وقال: “لا للخلط بين النيابة والوزارة، يجب أن تبقى كل جهة مسؤولة عن دورها المحدد”.
كما شدد على أهمية تسليم السلاح غير الشرعي، معتبرًا أنه أحد الأبعاد الأساسية لتحقيق الاستقرار في لبنان. ورأى أنه “يجب العمل على تسليم السلاح غير الشرعي، وهذه القضية لا يجب أن تكون محل مساومة أو تأجيل، بل يجب أن تكون جزءًا من خطط الحكومة المقبلة التي ستسعى لإعادة بناء الدولة وتعزيز سيادتها”.
وأعلن عضو كتلة “التنمية والتحرير” النيابية، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريح له الأربعاء، إن كتلتي “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” التابعة لحزب الله لن تشاركا في الاستشارات النيابية غير الملزمة، “دون أن يعني ذلك مقاطعة الحكومة والرئيس المكلف نواف سلام”.
وأشار إلى أن “موقف الكتلتين هو مبدئي سياسي لتسجيل اعتراض حول خلل ما تم التوافق عليه بشأن التكليف، إلا أن الكتلتين ستعملان مع الأفرقاء على إخراج لبنان من أزماته والوقوف إلى جانب تطلعات اللبنانيين وآمالهم”.
وكان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” التابعة لحزب الله محمد رعد، قد قال في تصريح سابق، عقب لقائه الرئيس جوزيف عون خلال الاستشارات النيابية، إنه “مرة جديدة يكمن البعض من أجل الإلغاء والإقصاء والآن نقول من حقنا أن نطالب بحكومة ميثاقية”.
وتتجه كتلتا حركة أمل وحزب الله إلى مقاطعة هذه الاستشارات، في حين تكثفت الاتصالات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، على أكثر من مستوى، حيث تلقى اتصالا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يزور لبنان، الجمعة، لخفض سقف التوتر وحث الثنائي على المشاركة في عملية إعادة بناء الدولة.
وكان سلام قد أكد في أول كلمة له عقب وصوله إلى لبيروت الثلاثاء أنه ليس “من أهل الإقصاء بل من أهل الوحدة والشراكة الوطنية”. ودعا إلى “العمل على بسط سلطة الدولة اللبنانيّة على كامل أراضيها، وعلى الحكومة وضع برنامج متكامل لبناء اقتصاد منتج وعلى تأمين فرص عمل للأجيال”.
ولا يعني تكليف رئيس حكومة جديد أنّ ولادة هذه الحكومة ستكون قريبة، إذ غالبا ما استغرق تشكيل الحكومات في لبنان أسابيع أو حتى أشهرا بسبب الانقسامات السياسية العميقة.
وكان رئيس الجمهورية اللبنانية كلف، الاثنين، نواف سلام بتشكيل حكومة جديدة، بعد انتهاء الاستشارات النيابية وحصوله على 84 صوتا من أصوات النواب البالغ عددهم 128 نائبا.
وقد امتنع حزب الله وحليفته حركة أمل عن التصويت، فيما اعتبر الحزب أن وصول سلام إلى رئاسة الحكومة ينطوي على مسار يستهدف إقصاءه، وإن أعرب عن رضوخه للأمر الواقع.
ويرى متابعون أن حزب الله لا يملك حاليا سوى مجاراة الأمور، حيث أن أي تعنت منه ليس في صالحه، كما هو الحال بالنسبة إلى حركة أمل.