
في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، تظهر مؤشرات خطيرة تنذر بتحولات غير محسوبة العواقب، تتمثل في تراجع دور الدولة ومؤسساتها،في حين يمسك التجار والصرافون بزمار الامور بسبب ضعف الدولة.
هشاشة الدولة وتراجع سلطتها أمام تغوّل رأس المال غير المنضبط، تتجه البلاد نحو مرحلة خطرة من “الفوضى الخلاقة”، حيث بات القرار الاقتصادي مرتهناً بيد التجار والصرافين، فيما تغيب الدولة أو تكتفي بدور المتفرج.
ففي الوقت الذي يفترض أن تكون مؤسسات الدولة هي من تقود دفة السياسات المالية والاقتصادية، نشهد اليوم واقعًا مقلقًا، يتمثل في إفساح المجال أمام قوى السوق لتحديد مصير المواطنين. قرار تسعير العملة، وارتفاع الأسعار، وحتى آليات ضخ السيولة، باتت تتحكم بها مراكز نفوذ مالية، دون ضوابط أو رقابة تُذكر.
هذا التراجع في دور الدولة لا يبشّر بخير، بل يفتح الباب على مصراعيه أمام غوغاء اقتصادية واجتماعية لا تُحمد عقباها، وقد تؤدي إلى انفجار شعبي نتيجة الفوضى المتزايدة وفقدان الأمل. فالشارع لم يعد يحتمل المزيد من الارتجال، وقد يدفع ثمن تهاوي مؤسسات الدولة باهظًا.
إن المضي وراء رغبات السوق دون امتلاك أدوات الضبط والسيطرة، لا يعكس فقط ضعف الدولة، بل يكشف عن خطر يهدد البنية الاجتماعية والاقتصادية برمتها. ما نحتاجه اليوم هو وقفة جادة تعيد للدولة هيبتها، وتضبط إيقاع الفوضى التي بدأت تتسلل إلى مفاصل القرار.